سليمان بن عبد الملك بن مروان ( خليفة
أموي ) و التابعي ذكوان بن كيثان الملقُب بطاووس
التفت إلى حاجبه، وقال: ابتغِ لنا عالما يفقِّهنا في الدين، ويذكِّرنا
في هذا اليوم الأغرِّ من أيام الله عز وجل.
أقبل حاجبُ سليمان إلى طاووس، وقال: أجِب دعوةَ أمير المؤمنين أيها
الشيخ، فاستجاب طاووسُ له من غير إبطاء، ذلك أنه كان يؤمن: بأن على الداعية إلى الله
تعالى, ألاّ تعرض له فرصةٌ إلا اغتنمها، وكان يوقن أنّ أفضل كلمة تُقال, هي كلمة
حقٍّ أُريد بها تقويم اعوجاج .فلما دخل
على أمير المؤمنين حيَّاه، فردَّ الخليفة التحيةَ بأحسنَ منها، وأكــرم استقبال
زائره، وأدنى مجلسه، ثم أخذ يسائله عما أشكل عليه من مناسك الحج، وينصت إليه في
توقير وإجلال.
قال طاووس: فلما شعرتُ أن
أمير المؤمنين قد بلـغ بغيتـــه، ولم يبق ما يسأل عنه, قلتُ في نفسي: إنّ هذا
المجلس, لمجلسٌ: يسألك اللهُ عنه يا طاووس، ثم توَّجهت إليه و قلت يا أمير
المؤمنين, إّن صخرة كانت على شفير بئر في قعر جهنم، وقد ظلتْ تهوي في هذه البئر
سبعين خريفا، حتى بلغت قرارها، أتدري يا أمير المؤمنين لمن أعدَّ اللهُ هذه البئر
من آبار جهنم؟
قال الخليفة : ويلك لمن
أعدَّها؟
فقال طاووس: يا أمير المؤمنين,
أعدّها الله عزوجل لمن أشركه في حكمه فجار(ظلم )، فأخذت سليمانَ رِعدةٌ، ظننتُ
معها أن روحه تصعد إلى باريها، وجعل يبكي، ولبكائه نشيج, يقطِّع نياطَ القلوب،
فتركته وانصرفتُ، وهو يجزِّيني خيرا.