قال لي صديقي : ها هو يومنا الثالث فأخبرني كيف وصلت إلينا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فقلت له : يا صديقي لماذا تسأل هذا السؤال عن السنة ولم تسأله عن القرآن ؟
فقال لي : لأني أعرف أن النبي كان يمنع أصحابه من كتابة السنة ، فكيف وصلت إلينا ؟
قلت له ؟ هل معك دليل على منع النبي لكتابة السنة ؟
فأجابني على الفور .. نعم .
قلت : وما هو ؟
قال : حديث ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ: " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ، وَحَدِّثُوا عَنِّي، وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ - قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسِبُهُ قَالَ - مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) " .
قلت : له عظيم يا صديقي ، هل آتيك بحديث عن النبي أمر فيه بكتابة السنة ؟
قال لي : أسرع .
قلت له : ورد في مسند الإمام أحمد بإسناد حسن أو صحيح أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كنتُ أكتب كلَّ شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاني المهاجرون، وقالوا لي : أنت تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا .. قال عبد الله بن عمرو : فذهبت إلى رسول الله فقلت له كذا وكذا .. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق) . قال عبد الله بن عمرو بن العاص : فكتبت منه صلى الله عليه وسلم صحيفة .
نظرت إلى صديقي وقلت له : ما رأيك ؟ هل آتيك بدليل آخر على أمر النبي بكتابة السنة ؟ قال : نعم .
قلت له : ورد أنه في فتح مكة خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة طويلة ، فقال أحد الحاضرين اليمنيين : يا رسول الله اكتبوا لي هذه الخطبة .. فقال النبي : ( اكتبوا لأبي شاه ) ، فهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة .
تعجب صديقي وقال لي : حديث ينهى عن الكتابة وحديث آخر يمنع !! كيف هذا ؟
قلت له : اهدأ اهدأ يا صديقي ، فالعلماء قالوا : ربما النهي كان في مرحلة معينة ثم بعد ذلك أمر النبي بالكتابة .
قال لي : هل من الممكن هذا ؟
قلت له : ممكن حتى في القرآن .. فمثلاً تحريم الخمر في القرآن ليس في آية واحدة ، وإنما في عدد من الآيات كل واحدة لها مرحلتها حتى الآية الأخيرة ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) .
قال لي صديقي : ممتاز ممتاز ، الآن اتضحت لي هذه المسألة ، لكن يا صديقي يبقى سؤالي كيف وصلت إلينا السنة ؟
قلت له : الحفاظ على سنة النبي ووصولها إلينا مرَّ بمرحلتين رئيستين :-
#الأولى : في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
وفي هذه المرحلة كان أكثر الصحابة يعتمدون على حفظ السنة ومدارستها مع بعضهم أكثر من الكتابة .
وكان أكثر الصحابة كتابة لسنة النبي في هذه المرحلة هو سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص ، أما أكثرهم حفظاً لأحاديث النبي من غير أن يكتب هو سيدنا أبو هريرة .
قال لي صديقي : معك حق فقد قرأت في البخاري في كتاب العلم عن أبي هريرة رضى الله عنه - قال : ( ما من الصحابة أكثر حديثاً مني-أي جمعاً- ، إلَّا ما كان من عبدالله بن عمروٍ بن العاص ، فإنه كان يكتب ، ولا أكتبُ ) .
قلت له : وعليك أن تنتبه يا صديقي ، فالصحابة كانوا في أعلى درجات الأمانة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .
قال لي صديقي : نعم نعم هذا معروف لا شك فيه .
قلت له: وهناك أمر آخر .
قال : وما هو ؟
قلت له: لا تنس أن السنة مصدر للتشريع بجانب القرآن فقد حفظها الله لنا حفاظاً على شرعه حتى لا يضيع الشرع ، وكما قال العلماء : ( القرآن أحوج إلى السنة من حاجة السنة إلى القرآن ) .
قال لي صديقي : حسن حسن ، والآن ما هي المرحلة الثانية للحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
قلت له: يكفيك اليوم يا صديقي هذا القدر، وغداً بإذن الله أخبرك بالمرحلة #الثانيةللحفاظ على السنة .
قال لي : الغد إذاً موعدنا بمشيئة الله .
خالد مصطفی